- عنتر فتح اللهالمدير
الأوضاع الإجتماعية والاقتصادية للجزائر خلال العهد العثماني 1707-1827م
الأربعاء مارس 25, 2009 12:04 am
أ-الوضع الصحي:
1- إنتشار الأمراض و الأوبئة:
شهدت الجزائر العثمانية تقهقرا إقتصاديا و اضمحلالا اجتماعيا واكبه سوء الأحوال الصحية و المعاشية خلال القرنين الرابع عشر (14مـ) والخـامس عشر (15مـ) بعد الحروب الطويلة و ما نجم عنها من خراب للمدن و عمال يقول ناصر الدين سعيدوني اصبحت دلس و هنين مجرد خرائب[33] ثم ما لبثت. أن تحسنت أوضاع البلاد طيلة القرن السادس عشر (16) و النصف الاول من القرن السابع عشر بعد قدوم الموريسكيين واستقرارهم بالجهات الساحلية يستصلحون أراضيها ويعمرون مدنها و قراها وتوسع عمران مدن الجزائر و دلس و تنس و شرشال والقليعة و البليدة و عنابة وقسنطينة و وهران و تلمسان و مستغانم و قلعة بني راشد و مازونة و المدية ومليانة و زمورة و غيرها و انتشرت إلى القرى والعمارة الريفية القريبة منها[34] .
لم يطل هذا التحسن كثيرا إذ عرفت البلاد ركودا اقتصاديا و انكماشا عمرانيا طيلة النصف الثاني من القرن السابع عشر (17مـ) و النصف الأول من القرن الثامن عشر (18مـ) بعد ذلك ساءت الأوضاع الإقتصادية و أقفرت الأرياف والمدن من سكانها و تكاثرت الأعراض و الأوبئة الفتأكة مما أثر سلبا على حالة السكان الصحية و المعاشية و ترك آثارا سيئة على أوضاعهم الإجتماعية[35].
إبتداءا من أواخر القرن الثامن عشر (18مـ) تضاءل عدد سكان المدن وتناقص سكان الأرياف مما تسبب في ضعف قوة الأوجاق[36] أدى هذا الوضع إلى تناقص عدد التجار و قدرة الحرفيين و الصناع و إفتقار الأرياف إلى اليد العامة الزراعية.
و الظاهر أن ذلك التدهور يرجع إلى إنتقال العدوى و إنتشار الأمراض من الأقطار المجاورة بسبب صلة الجزائر ببلدان البحر الابيض المتوسط و انفتاحها على أقاليم السودان و علاقتها التجارية مع أوربا و ارتباطها الروحي بالمشرق الإسلامي[37].
مما ساعد على إنتشار هذه الأمراض واستيطانها في البلاد انتشار المستنقعات بالسهول الساحلية وحول المدن الكبرى وبالرجوع إلى المعلومات التي أكـدها كل من هايدو « Haédo » و شاو « Show » و لوجي دوتاسي « Laugy Detassy » أو شالر « Shaler ».
تستنج أن الأدوية و العقاقير المحضرة كانت غير متوفرة و حتى الصيدلية الوحدة لمدينة الجزائر كانت لا تتوفر إلا على بعض العقاقير و الحشائش و كان الباش خراح "القائم" عليها يجهل مواصفاتها و فوائدها الطبية[38].
الطاعون:
شكل الطاعون أخطر مرض عانت منه كل الفئات الإجتماعية بالجزائر خلال العهد العثماني، كما تعرضت إلى ضرباته الحادة كل العناصر الاجنبية المقيمة بالبلاد لقد تكرر ظهوره في شكل تواتر حلقات متعاقبة مع الأوبئة المستوطنة بالمنطقة تسببت في إنهيار ديمغرافي و أدت إلى تدهور الوضع الصحي الذي اثر بدوره سلبا على إقتصاديات البلاد تاركا تشوهات خطيرة في البيئة الإجتماعية[39].
لقد أثر وباء للطاعون على الأوضاع الصحية للجزائر العثمانية و ارتبط بالعوامل الأخرى التي أثرت على الوضع الصحي للسكان مثل الإضطربات الجوية والتدبدبات المناخية و فترات الجفاف و الفياضانات بالإضافة إلى إجتياح الجراد وما نتج عنه من الزلازل و الحرائق و ما ترتب عنها من تخريب و تدمير[40].
و مما زاد الأحوال الصحية سوءا أن الحكام العثمانيين لم يهتموا بميدان الصحة و لم يعطوها الأهمية التي تستحقها فمن ذلك أنهم ولم يتخذوا أي إجراء وقائي ضد تنامي هذه الأمراض[41]، أما أماكن العلاج فكانت محصورة حول بعض المصحات و الملاجيء مثل زنقة الهواء و ملجأ الأمراض العقلية المخصص للأتراك بالإضافة إلى مارستانات[42] رجال الدين المسحيين التي كانت تنفق عليها الدول الأوربية[43].
و ما يمكن ملاحظته أن الأوبئة كانت تتكرر كل عشرة أعوام أو خمسة عشر عاما وأنها في بعض الأحيان استمرت لبضع سنوات كما حدث خلال أعوام 1784-1798 كما مني القرن السابع عشر ( 17مـ) بانتشار الأوبئة في مختلف جهات البلاد مدة حوالي 39سنة أما القرن الثامن عشر (18مـ) فقد ظهرت أثناءه الأوبئة[44] طيلة السنوات التالية:
1700-1728-1732-1738-1740-1744-1749-1784-1785-1786-1793-1794-1797-1798-1799.
كما اشتدت حدة الأمراض و عمت جميع أرجاء البلاد من 1804- إلى 1808 و من 1818 إلى 1822. وكان الطاعون سنة 1740مـ، و دام ثلاث سنوات و قضى خلالها على 10000 نسمة ، و كان يهلك في الشهر الأول ما بين 300 و 400 نسمة في اليوم.
كما أدى وباء 1786-1787م إلى هلاك 16721 نسمة بمدينة الجزائر فتناقص عدد سكانها إلى 50000 نسمة كما تسبب في موت ثلثي سكان مدينة عنابة.
أما وباء عامي –1792 1798 فإنه أضر بجميع الجهات لاسيما وهران والجزائر وقسنطينة. وفي سنتي 1817-1818 انتشر الوباء في الجزائر و قضى على أكثر من 14000[45].
و هكذا اصبح وباء الطاعون[46] من مظاهر البيئة الجزائرية فتكرر ظهوره بها بإستمرار و قد كان مرتبطا بحركة الأسطول الجزائري و إحتكاكه الدائم بموانئ المشرق التي كانـ مصدرا لمختلف أوبئة الطاعون، حتى عدت الجزائر من مراكزه الدائمة و بيئاته المفضلة و هذا ما عبر عنه "بنزاك" « Panzac » بقوله :وباء الطاعون من الظواهر المستمرة و الدائمة في الجزائر العثمانية « La peste est une constante de l'Algérie ottomane »[47].
لقد اصبحت عدوى الطاعون تنتقل بسرعة في جميع جهات البلاد، و مسافة انتشاره قدرت بـحوالي 200 إلى 400 كلم سنويا وقد يستغرق إنتقالها أحيانا أسابيع قليلة لإجتياح منطقة ما تبعا لشدته و للكثافة السكانية في المنطقة التي تتعرض له[48].
و مع بداية القرن السابع عشر (17مـ) تميز الطاعون بتواتره "للتكراري" إذ نعاقب بصورة مثيرة للدهشة، عانت خلالها إيالة الجزائر من إجتياح المرض أكثر من إيالة تونس التي تضررت هي الأخرى من جراء انتشار الأوبئة بنسبة 26 سنة معدية.
بينما كان نصيب المغرب من الطاعون فترة لا تتجاوز 12 سنة[49].
أما في القرن الثامن عشر (18مـ) فقد تكرر وباء الطاعون و بلغ مجموع السنوات التي انتشر خلالها الطاعون أثناء هذا القرن 63 سنة في مدينة الجزائر وحدها و قد توزعت كمايلي:
§ سنوات 1717-1718-1723-1730-1731-1732
§ سنوات 1738 إلى 1758، انتشرت إلى مناطق بعيدة كالقالة و عنابة قدرت نسبة الوفيات في مدينة الجزائر، سنة 1740 ما بين 200 و 400 وفاة يوميا.
§ سنوات 1778 إلى 1804 ، انتشر وباء الطاعون في جميع الجهات و كان شديد الوطأة على السكان.
§ 1805-1815، زاد في حدته حدوث المجاعات التي تعتبر أثارها الديمغرافية أخطر من بعض الحروب.
لقد كانت أوبئة القرنين السابع عشر (17مـ) و الثامن عشر (18مـ) أكثر حدة و شدة من التي إجتاحت الجزائر أثناء القرن السادس عشر (16مـ)، إذ تشير العديد من التقارير العسكرية و المراسلات القنصلية إلى إستمرار "الوباء الفتاك" أو "الوباء الخطير جدا" [50]لفترات متعاقبة تناهز الواحدة منها 15 إلى 20 سنة وتعقبها عادة فترة خمود لا تتجاوز الست سنوات[51
1- إنتشار الأمراض و الأوبئة:
شهدت الجزائر العثمانية تقهقرا إقتصاديا و اضمحلالا اجتماعيا واكبه سوء الأحوال الصحية و المعاشية خلال القرنين الرابع عشر (14مـ) والخـامس عشر (15مـ) بعد الحروب الطويلة و ما نجم عنها من خراب للمدن و عمال يقول ناصر الدين سعيدوني اصبحت دلس و هنين مجرد خرائب[33] ثم ما لبثت. أن تحسنت أوضاع البلاد طيلة القرن السادس عشر (16) و النصف الاول من القرن السابع عشر بعد قدوم الموريسكيين واستقرارهم بالجهات الساحلية يستصلحون أراضيها ويعمرون مدنها و قراها وتوسع عمران مدن الجزائر و دلس و تنس و شرشال والقليعة و البليدة و عنابة وقسنطينة و وهران و تلمسان و مستغانم و قلعة بني راشد و مازونة و المدية ومليانة و زمورة و غيرها و انتشرت إلى القرى والعمارة الريفية القريبة منها[34] .
لم يطل هذا التحسن كثيرا إذ عرفت البلاد ركودا اقتصاديا و انكماشا عمرانيا طيلة النصف الثاني من القرن السابع عشر (17مـ) و النصف الأول من القرن الثامن عشر (18مـ) بعد ذلك ساءت الأوضاع الإقتصادية و أقفرت الأرياف والمدن من سكانها و تكاثرت الأعراض و الأوبئة الفتأكة مما أثر سلبا على حالة السكان الصحية و المعاشية و ترك آثارا سيئة على أوضاعهم الإجتماعية[35].
إبتداءا من أواخر القرن الثامن عشر (18مـ) تضاءل عدد سكان المدن وتناقص سكان الأرياف مما تسبب في ضعف قوة الأوجاق[36] أدى هذا الوضع إلى تناقص عدد التجار و قدرة الحرفيين و الصناع و إفتقار الأرياف إلى اليد العامة الزراعية.
و الظاهر أن ذلك التدهور يرجع إلى إنتقال العدوى و إنتشار الأمراض من الأقطار المجاورة بسبب صلة الجزائر ببلدان البحر الابيض المتوسط و انفتاحها على أقاليم السودان و علاقتها التجارية مع أوربا و ارتباطها الروحي بالمشرق الإسلامي[37].
مما ساعد على إنتشار هذه الأمراض واستيطانها في البلاد انتشار المستنقعات بالسهول الساحلية وحول المدن الكبرى وبالرجوع إلى المعلومات التي أكـدها كل من هايدو « Haédo » و شاو « Show » و لوجي دوتاسي « Laugy Detassy » أو شالر « Shaler ».
تستنج أن الأدوية و العقاقير المحضرة كانت غير متوفرة و حتى الصيدلية الوحدة لمدينة الجزائر كانت لا تتوفر إلا على بعض العقاقير و الحشائش و كان الباش خراح "القائم" عليها يجهل مواصفاتها و فوائدها الطبية[38].
الطاعون:
شكل الطاعون أخطر مرض عانت منه كل الفئات الإجتماعية بالجزائر خلال العهد العثماني، كما تعرضت إلى ضرباته الحادة كل العناصر الاجنبية المقيمة بالبلاد لقد تكرر ظهوره في شكل تواتر حلقات متعاقبة مع الأوبئة المستوطنة بالمنطقة تسببت في إنهيار ديمغرافي و أدت إلى تدهور الوضع الصحي الذي اثر بدوره سلبا على إقتصاديات البلاد تاركا تشوهات خطيرة في البيئة الإجتماعية[39].
لقد أثر وباء للطاعون على الأوضاع الصحية للجزائر العثمانية و ارتبط بالعوامل الأخرى التي أثرت على الوضع الصحي للسكان مثل الإضطربات الجوية والتدبدبات المناخية و فترات الجفاف و الفياضانات بالإضافة إلى إجتياح الجراد وما نتج عنه من الزلازل و الحرائق و ما ترتب عنها من تخريب و تدمير[40].
و مما زاد الأحوال الصحية سوءا أن الحكام العثمانيين لم يهتموا بميدان الصحة و لم يعطوها الأهمية التي تستحقها فمن ذلك أنهم ولم يتخذوا أي إجراء وقائي ضد تنامي هذه الأمراض[41]، أما أماكن العلاج فكانت محصورة حول بعض المصحات و الملاجيء مثل زنقة الهواء و ملجأ الأمراض العقلية المخصص للأتراك بالإضافة إلى مارستانات[42] رجال الدين المسحيين التي كانت تنفق عليها الدول الأوربية[43].
و ما يمكن ملاحظته أن الأوبئة كانت تتكرر كل عشرة أعوام أو خمسة عشر عاما وأنها في بعض الأحيان استمرت لبضع سنوات كما حدث خلال أعوام 1784-1798 كما مني القرن السابع عشر ( 17مـ) بانتشار الأوبئة في مختلف جهات البلاد مدة حوالي 39سنة أما القرن الثامن عشر (18مـ) فقد ظهرت أثناءه الأوبئة[44] طيلة السنوات التالية:
1700-1728-1732-1738-1740-1744-1749-1784-1785-1786-1793-1794-1797-1798-1799.
كما اشتدت حدة الأمراض و عمت جميع أرجاء البلاد من 1804- إلى 1808 و من 1818 إلى 1822. وكان الطاعون سنة 1740مـ، و دام ثلاث سنوات و قضى خلالها على 10000 نسمة ، و كان يهلك في الشهر الأول ما بين 300 و 400 نسمة في اليوم.
كما أدى وباء 1786-1787م إلى هلاك 16721 نسمة بمدينة الجزائر فتناقص عدد سكانها إلى 50000 نسمة كما تسبب في موت ثلثي سكان مدينة عنابة.
أما وباء عامي –1792 1798 فإنه أضر بجميع الجهات لاسيما وهران والجزائر وقسنطينة. وفي سنتي 1817-1818 انتشر الوباء في الجزائر و قضى على أكثر من 14000[45].
و هكذا اصبح وباء الطاعون[46] من مظاهر البيئة الجزائرية فتكرر ظهوره بها بإستمرار و قد كان مرتبطا بحركة الأسطول الجزائري و إحتكاكه الدائم بموانئ المشرق التي كانـ مصدرا لمختلف أوبئة الطاعون، حتى عدت الجزائر من مراكزه الدائمة و بيئاته المفضلة و هذا ما عبر عنه "بنزاك" « Panzac » بقوله :وباء الطاعون من الظواهر المستمرة و الدائمة في الجزائر العثمانية « La peste est une constante de l'Algérie ottomane »[47].
لقد اصبحت عدوى الطاعون تنتقل بسرعة في جميع جهات البلاد، و مسافة انتشاره قدرت بـحوالي 200 إلى 400 كلم سنويا وقد يستغرق إنتقالها أحيانا أسابيع قليلة لإجتياح منطقة ما تبعا لشدته و للكثافة السكانية في المنطقة التي تتعرض له[48].
و مع بداية القرن السابع عشر (17مـ) تميز الطاعون بتواتره "للتكراري" إذ نعاقب بصورة مثيرة للدهشة، عانت خلالها إيالة الجزائر من إجتياح المرض أكثر من إيالة تونس التي تضررت هي الأخرى من جراء انتشار الأوبئة بنسبة 26 سنة معدية.
بينما كان نصيب المغرب من الطاعون فترة لا تتجاوز 12 سنة[49].
أما في القرن الثامن عشر (18مـ) فقد تكرر وباء الطاعون و بلغ مجموع السنوات التي انتشر خلالها الطاعون أثناء هذا القرن 63 سنة في مدينة الجزائر وحدها و قد توزعت كمايلي:
§ سنوات 1717-1718-1723-1730-1731-1732
§ سنوات 1738 إلى 1758، انتشرت إلى مناطق بعيدة كالقالة و عنابة قدرت نسبة الوفيات في مدينة الجزائر، سنة 1740 ما بين 200 و 400 وفاة يوميا.
§ سنوات 1778 إلى 1804 ، انتشر وباء الطاعون في جميع الجهات و كان شديد الوطأة على السكان.
§ 1805-1815، زاد في حدته حدوث المجاعات التي تعتبر أثارها الديمغرافية أخطر من بعض الحروب.
لقد كانت أوبئة القرنين السابع عشر (17مـ) و الثامن عشر (18مـ) أكثر حدة و شدة من التي إجتاحت الجزائر أثناء القرن السادس عشر (16مـ)، إذ تشير العديد من التقارير العسكرية و المراسلات القنصلية إلى إستمرار "الوباء الفتاك" أو "الوباء الخطير جدا" [50]لفترات متعاقبة تناهز الواحدة منها 15 إلى 20 سنة وتعقبها عادة فترة خمود لا تتجاوز الست سنوات[51
- الأوضاع الإجتماعية والاقتصادية للجزائر خلال العهد العثماني 1707-1827م ...01 يتبع
- الأوضاع الإجتماعية والاقتصادية للجزائر خلال العهد العثماني 1707-1827م ..02 يتبع
- الأوضاع الإجتماعية والاقتصادية للجزائر خلال العهد العثماني 1707-1827م ........3 يتبع
- الشرطة الفلسطينية: الاحتلال يعتقل 3 مواطنين خلال الـ12 ساعة الماضية
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى