العرب اخوة
المنتدى مفتوح للدخول قل بسم الله الرحمن الرحيم و استعذ بالله من الشيطن الرجيم وانسى خلافك مع غيرك فمن المحتمل ان يكون عضوا معنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

العرب اخوة
المنتدى مفتوح للدخول قل بسم الله الرحمن الرحيم و استعذ بالله من الشيطن الرجيم وانسى خلافك مع غيرك فمن المحتمل ان يكون عضوا معنا
العرب اخوة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
عنتر فتح الله
عنتر فتح الله
المدير
المدير
ذكر

تاريخ فلسطين 10 .... يتبع Empty تاريخ فلسطين 10 .... يتبع

الخميس مارس 26, 2009 6:52 pm
حصار المسلمين بيت المقدس:
اعتاد من يسيطر على القدس منذ القِدَم أن يلفها بالأسوار، ويقيم حولها الحصون، حماية للمدينة الغالية من الغزاة والمغامرين. وقد عُثر في الأردن على خريطة ثمينة من القرن السادس الميلادي، تشرح وضع القدس في هذا الزمن، حيث بدت محاطة بسور فيه عدة أبراج ومجموعة أبواب، وفي الداخل تبدو المباني الفخمة، وأهمها الكنائس.

وحينما قَدِمَ عمرو بقواته سنة 637م وجد المدينة حصينة منيعة، قد احتمى بها الرومان، وليس من اليسير اقتحامها عليهم، فضرب الحصار حولها، وراح يبحث عن فرصة أو فرجة للدخول، ولكن مرت ثلاثة أيام دون أن يجد شيئا من ذلك، فاستجمع قوته وتقدم نحو الأسوار، فأمطرهم الروم بالنبال، والمسلمون يصدونها بتروسهم.
وقدمت إلى عمرو معونات من القادة الآخرين بالشام، فلم يمر يوم إلا وقع فيه قتال، حتى مرت أربعة أشهر، لم يزل المسلمون فيها على القتال والحصار وأهلُ بيت المقدس لا يظهرون من قلوبهم همًا ولا جزعًا .. ليس غير المنجنيقات الضخمة ترمي بالحجارة فوق القوى المحاصِرة من المسلمين، ويحتمون داخل أسوارهم معهم السيوف والدروع ..
إلا أن طول الفترة، وصبر المسلمين العجيبَ بالرغم من البرد الشديد ـ كانت كفيلة بأن تحبط الروح المعنوية للروم، فتراجع أرطبونُ بقواته إلى مصر. ودعا أهلُ القدس إلى طلب المصالحة، فسار إليهم عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ وصالحهم.
الفاروق عمر يسير إلى القدس:
جاء إلى عمر بن الخطاب في المدينة كتاب من أمير الفتوح في فلسطين عمرو بن العاص، يبشره بنعمة الله، وانهزام بقايا الروم في الشام، وأن أهل إيلياء (القدس) اشترطوا أن يسلّموا المدينة إلى أمير المؤمنين نفسه، فراح عمر يعد للسفر عدته، من الرفيق والزاد والراحلة، وسافر السفر الطويل، يقطع المراحل والأميال.. وعلى أبواب الشام لقي قواده في الجابية، واطمأن على حال المسلمين في بلاد الشام.
وبينما عمر في الجابية إذا بجماعة من الروم بأيديهم سيوف مسلولة، فسار إليهم المسلمون بالسلاح، فقال عمر: إن هؤلاء قوم يستأمنون، فساروا نحوهم، فإذا هم جند من بيت المقدس يطلبون الأمان والصلح من أمير المؤمنين حين سمعوا بقدومه، فأجابهم ـ رضي الله عنه ـ إلى ما سألوا، ثم واصل مسيره في جماعة من الصحابة ووجوه المسلمين نحو بيت المقدس.
وجاء وقت الصلاة، فتوجه أمير المؤمنين وصحبه إلى القبلة، وهم يقفون على قمة جبل يشرف على القدس، وعلا صوت عمر بن الخطاب بالتكبير، ومنذ ذلك اليوم سمى الجبل بجبل المكبِّر.
حال عمر عند سيره إلى بيت المقدس:
كان في ذاكرة عمر، وهو مرتحل من المدينة إلى بيت المقدس، أنه مسافر من مدينة النبي إلى مدينة الأنبياء، وهو حال يستوجب التواضع والهيبة، فظهرت على أمير المؤمنين في هذه الرحلة علامات عبقرية الأمير، الذي يزداد بتواضعه رفعة وسموّا.
كان هو وخادمه يتناوبان ركوب دابة واحدة في طريقهما التاريخي من المدينة إلى بيت المقدس، حتى إذا أتعب السير أحدهما ترجَّل له صاحبه عن بعيره ليركبه، وعلى مشارف القدس كان رفيق عمر هو صاحب الدَّوْر في امتطاء البعير، فأبى أمير المؤمنين إلا أن يركب صاحب الدور، وإلى جانبه سار الخليفة الفاتح على قدميه..
وقدم عمر الجابية على طريق إيلياء على جمل أورق، وتظهر رأس الأمير للشمس ليس عليه قلنصوة ولا عمامة، تهتز رجلاه بين شعبتي الرحل بلا ركاب، معه كساء صوف يتخذه سرجا إذا ركب وفراشا إذا نزل، ومعه شملة محشوةٌ ليفا يتخذها حقيبة إذا ركب ووسادة إذا نزل، وعليه مرقعة من الصوف فيها بضع عشرة رقعة بعضها من جلد.
وعندما جاء ميعاد زيارة بيت المقدس وهمَّ الخليفة بالركوب بهيئته الزاهدة قال المسلمون: يا أمير المؤمنين، لو ركبت غير بعيرك جوادًا، ولبست ثيابًا لكان ذلك أعظم لهيبتك في قلوب القوم، فقال: "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فلا نطلب بغير الله بديلاً". لكنهم أقبلوا يسألونه ويطوفون به إلى أن أجابهم إلى ما يريدون، ونزع مرقعته، ولبس ثيابًا بيضاء وطرح على كتفه منديلاً من الكتان ليس جديدًا ولا بالخَلِق، دفعه إليه أبو عبيدة وقدّم له بِرْذَوْنًا أشهب (وهو نوع من الحمير الكبيرة) من براذين الروم، فلما صار عمر فوقه جعل البرذون يَحْجِل، فنزل عنه مسرعًا، ثم صاح: أقيلوني أقال الله عثرتكم يوم القيامة، لقد كاد أميركم يهلك مما داخله من الكبر، وإني سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من الكبر".. فأُتى بجمله فركبه.
وحين قدم عمر الشام عرضت له مخاضة ماء، فنزل عن بعيره ونزع موقيه (وهو ما يلبس فوق الخفين)، فأمسكهما بيده، وخاض الماء ومعه البعير، فقال له أبو عبيدة: قد صنعت اليوم صنيعا عظيمًا عند أهل الأرض، فضرب عمر صدره برفق، وقال: "أولو غيرك يقولها يا أبا عبيدة! إنكم كنتم أذل الناس وأحقر الناس وأقل الناس، فأعزَّكم الله بالإسلام، فمهما تطلبوا العزة بغيره يذلكم الله".
عمر يتسلم مفاتيح بيت المقدس:
قبل أن يغادر عمر الجابيةَ في لقائه مع قواده بالشام أتاه وفد من أهل بيت المقدس يلتمسون عنده الصلح، فبذله لهم، وكتب لهم بذلك كتابا، فرجعوا وقد علموا أن هذا الكتاب وهذا الصلح نصر تحقق لهم، فقد جاءهم أمير عادل وقوم منصفون، وذهب عنهم بطش الرومان وظلمُهم واضطهادُهم.
ومضى أمير المؤمنين إلى بيت المقدس، والتواضعُ لله وحدَه يكسو عمر وأصحابَه هيبةً ووقارًا.
إنها بشارة من بشارات الصادق المصدوق محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ووعد من موعودات الله لخلقه المؤمنين يتحقق أمام عيون الركب المبارك، وشريط الذكريات لا زال يعيد نفسه يوم كان النبي يلقي ببشرى فتح بيت المقدس في تبوك..
ولما أشرف بطريرك بيت المقدس من السور، ورأى جمع المسلمين يتقدمهم أمير المؤمنين، صاح بأعلى صوته "هذا والله الذي نجد صفته ونعته في كتبنا، ومن يكون فتح بلادنا على يديه بلا محالة". وكان ذلك بقية صادقة مما في كتب أهل الكتاب عن الصالحين من أسلافهم..
ثم قال البطريرك لأهل بيت المقدس: "يا ويحكم انزلوا إليه واعقدوا معه الأمان والذمة"، فنزلوا مسرعين، وكان الحصار الشديد قد أضناهم وشق عليهم، ففتحوا الباب وخرجوا إلى عمر يسألونه العهد والميثاق والذمة ويقرون له بالجزية، فخر عمر ساجدًا لله على بعيره..
وكان ذلك شاهدًا قويًّا على أن أهالي القدس وجدوا في الدولة الإسلامية الفتية ينبوع أمن وأمان لهم ولمدينتهم، يصون لهم خصوصياتهم، ويمنحهم حرية العقيدة بلا إكراه ولا مضايقة، كما كان دليلاً واضحًا على أن انسحاب الروم من بيت المقدس كان أمرًا حتميًّا تفرضه الرغبة الشعبية في هذه المدينة ضد المستعمرين من الروم..
وكان أهم مطلب ركز عليه الوفد الشعبي لبيت المقدس الذي لقي عمر في الجابية، وطلب منه الصلح ـ هو ألا يساكنهم في المدينة أحد من اليهود. وقد أصر البطريق صفرنيوس حين عرض تسليم المدينة المقدسة للخليفة عمر بن الخطاب شخصيًا على نفس المطلب الشعبي، فوافق أمير المؤمنين على ذلك، وسجله في وثيقة محددة البنود، أضاف فيها شروطًا تنص على احترام مقدسات هذه المدينة، وما يكفل لها السلامة أيضا من بقايا الروم وعملائهم.
ودخل الفاروق المسجد الأقصى من الباب الذي دخله منه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليلة الإسراء، ونظف بنفسه الصخرة المباركة، وتسلم مفاتيح المدينة الطاهرة في لحظةٍ تاريخيةٍ من أعز لحظات الزمن. وقضى الخليفة في القدس خمسة أيام ثم رجع إلى المدينة.
لقد كان فتحًا لم تشهد المدينة مثله في تاريخها الطويل، والمأساوي في غالب الأحوال، فبعد أن استسلم أهل المدينة لم يَحْدُثْ قتل أو تدمير للممتلكات، أو إحراق للرموز الدينية المنافسة، وأيضا لم يكن هناك طرد للسكان، أو نزع للملكية، أو محاولة لإجبار السكان على اعتناق الإسلام ..
وعاشت القدس منذ هذه اللحظة في رحاب الإسلام: بدءا من خلافة الراشدين، فالدولة الأموية، فالحكم العباسي، وما تفرع عنه من الطولونيين والإخشيديين، ثم جاء الحكم الفاطمي، ثم احتلها الصليبيون في ذيل القرن الخامس الهجري، حتى استردتها جيوش صلاح الدين بعد اثنين وتسعين عاما من الاحتلال.
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى