- عنتر فتح اللهالمدير
تاريخ فلسطين 7 .......... يتبع
الخميس مارس 26, 2009 6:48 pm
استبشار المسلمين بانتصار الروم على الفرس:
كان الصراع الدموي بين الفرس والروم أهم معلم دُوَليٍّ يميز دنيا الناس إبان البعثة النبوية الشريفة، فقد نشأ بينهما صراعٌ مميتٌ وتنافسٌ مهلكٌ، كانت الضحايا فيه تُعَدُّ بمئات الآلاف من البشر لا بعشرات الآلاف، هذا غير المدن التي خُرِّبَتْ والقصور والقلاع والحصون التي هُدِّمَتْ..
وقد علت يد الفرس على الروم في بدايات بعثة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فحققوا انتصارات متتالية عليهم: عند أَنْطَاكية سنة ستمائة وثلاث عشرة من الميلاد، وسيطروا على فِلَسْطِين، وبيت المقدس سنة ستمائة وست عشرة من الميلاد، وامتد جبروتهم حتى خضعت لهم الإسكندرية سنة ستمائة وسبع عشرة من الميلاد. وتجاوب مشركو مكة مع الأحداث، وفرحوا لانتصار الوثنية على أهل الكتاب، ورأوا في ذلك صورة مبكرةً للصراع بينهم وبين الإسلام، وأن النهاية في الحالين ستكون واحدة: انتصار الوثنية وارتفاع شأن الأصنام، وخمود صوتِ الرسل...!
وخرج هرقلُ القيصرُ الرومي الجديدُ ليكافح في سبيل إعادة المجد البيزنطب من جديد، فظل ينظِّم دولته ويقوي جيشه المنهار، ويكافح الفرس حتى ألحق بهم هزيمة ساحقة قرب نينوى سنة ثلاث وعشرين وستمائة، فقصم ظهورَهم، واسترد منهم أرض الدولة البيزنطية في أرْمينِيَّة والشام وفلسطين ومصر، واستعاد منهم بيت المقدس سنة ثلاثين وستمائة من الميلاد. وقد فرح المسلمون لهذا النصر الذي وافق انتصارهم على كفار قريش يوم بدر.
وكان ذلك تحقيقا لما نزل به القرآن، قبل أن يتحقق بسبع سنين، في قول الله ـ تعالى: (الم. غُلبت الروم. في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون. في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون. بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم).
غزوة مؤتة:
تقع مؤتة الآن داخل حدود المملكة الأردنية الهاشمية، مما يعني أن الغزوة التي دارت فيها بين المسلمين وبين الروم وحلفائهم من القبائل العربية، كانت على مقربة من بيت المقدس.
اتجهت جموع جيش المسلمين في غزوة مؤتة إلى الجزء الملاصق للجزيرة العربية من أرض الشام، أي إلى الطريق الممتد إلى فلسطين التي فيها بيت المقدس. وتعداد المسلمين المتجهزين للقتال يومئذ ثلاثة آلاف، يقودهم زيد بن حارثة، وخليفته إن قتل جعفر بن أبي طالب، فإن قُتل تلى على المسلمين عبد الله بن رواحة، فإن قُتل عبد الله اختار المسلمون قائدا منهم.
وكانت دماء زيد بن حارثة حِبِّ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وجعفر بن أبي طالب ابن عمه، وعبد الله بن رواحة أحد شعرائه وأنصاره ـ كانت أولَ دماء طاهرة روت الأرض في الطريق إلى القدس، في مواجهة مع الروم غير متكافئة في العدد ولا العُدة، إذ حشدوا من مقاتليهمعشرات الآلاف من الجنود والمرتزقة العرب في مواجهة ثلاثة آلاف من المسلمين.
ثم أخذ الراية سيف الله خالد بن الوليد، الذي سيواصل فيما بعد المشاركة الإيجابية في سبيل بسط سلطان الإسلام على الشام والقدس.. ظهرت مهارة خالد في مؤتة في المناورة وحسن تحريك الجيش وتحويل الدفّة؛ فقد أحدث ضجيجًا وصخبًا وهو يحرك قطع جيشه، ويبادل بين مواضعها، فتوهم الروم أن إمدادات كبيرة قد جاءت أرض المعركة، فراحوا يعيدون توزيع جيشهم. وبينما هم مشغولون في ذلك رجع خالد بجيشه إلى المدينة..
ومع أن المسلمين في المدينة صاحوا في وجه خالد وجنوده: يا فُرّار .. فررتم من أعداء الله. إلا أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ نفى عنهم التهمة، وطيب خاطرهم وقال: "ليسوا بالفرار ولكنهم الكرار بإذن الله" ـ أي أنهم عائدون إلى الجهاد من جديد.
وهي كلمة تُنْبِئ عن أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ سيستأنف الجهاد في هذه النواحي عما قليل.
غزوة تبوك:
في العام التاسع للهجرة سعى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى إعداد جيش يتجه به إلى الشام، وندب المسلمين للمشاركة فيه بالنفس والمال، فتطوع عدد كبير منهم، خاصة أنه أعلن أنه سيخرج بنفسه. وكان تعدادهم ثلاثين ألفا، أي عشرة أضعاف من حاربوا في مؤتة.
كان ذلك يعني للمسلمين سفرا بعيدا، في ظروف الحر الشديد، ووقت انتظار الثمار، وفي مواجهة عدو ذي بأس شديد.
وبعد وصولهم إلى تبوك عسكر المسلمون هناك عشرين يومًا، لم يخرج خلالها جيش الروم لمواجهتهم أو صدهم، ويبدو أنهم أرادوا استدراجهم إلى الداخل.. غير أن المسلمين لم يتوغلوا إلى الداخل، وتركوا الروم يحسبون حساباتهم الخاطئة. واستشعرت القبائل العربية المحالفة للروم أنها تقف في المواجهة بمفردها، فأسرع يوحنة بن رؤبة أمير أيلة، فوفد على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصالحه وأعطى الجزية للمسلمين، وكتب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كتاب أمان له ولقومه. وكذلك فعل أهل جرباء وأهل أذرح، وانتظر أكيدر دُومة الجندل حتى جاء به خالد بن الوليد أسيرا بين يدي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فحقن دمه وصالحه.
وأهم ما تبينه المسلمون في هذه الغزوة هو أن بلاد الشام ينبغي ألا تغيب عن أنظارهم، كما تبينوا أن نصارى الشام من العرب في حاجة إلى من يخلصهم من حكم الرومان، وأن المسلمين لو جاءوا يومًا يفتحون الشام فسيجدون ترحيبًا من أهلها، وهذا ما بدا واضحًا بصورة جلية عند الفتح العمري للقدس في غضون سنوات معدودة، وهو الفتح الذي بشر به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذه الغزوة المباركة.
كان الصراع الدموي بين الفرس والروم أهم معلم دُوَليٍّ يميز دنيا الناس إبان البعثة النبوية الشريفة، فقد نشأ بينهما صراعٌ مميتٌ وتنافسٌ مهلكٌ، كانت الضحايا فيه تُعَدُّ بمئات الآلاف من البشر لا بعشرات الآلاف، هذا غير المدن التي خُرِّبَتْ والقصور والقلاع والحصون التي هُدِّمَتْ..
وقد علت يد الفرس على الروم في بدايات بعثة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فحققوا انتصارات متتالية عليهم: عند أَنْطَاكية سنة ستمائة وثلاث عشرة من الميلاد، وسيطروا على فِلَسْطِين، وبيت المقدس سنة ستمائة وست عشرة من الميلاد، وامتد جبروتهم حتى خضعت لهم الإسكندرية سنة ستمائة وسبع عشرة من الميلاد. وتجاوب مشركو مكة مع الأحداث، وفرحوا لانتصار الوثنية على أهل الكتاب، ورأوا في ذلك صورة مبكرةً للصراع بينهم وبين الإسلام، وأن النهاية في الحالين ستكون واحدة: انتصار الوثنية وارتفاع شأن الأصنام، وخمود صوتِ الرسل...!
وخرج هرقلُ القيصرُ الرومي الجديدُ ليكافح في سبيل إعادة المجد البيزنطب من جديد، فظل ينظِّم دولته ويقوي جيشه المنهار، ويكافح الفرس حتى ألحق بهم هزيمة ساحقة قرب نينوى سنة ثلاث وعشرين وستمائة، فقصم ظهورَهم، واسترد منهم أرض الدولة البيزنطية في أرْمينِيَّة والشام وفلسطين ومصر، واستعاد منهم بيت المقدس سنة ثلاثين وستمائة من الميلاد. وقد فرح المسلمون لهذا النصر الذي وافق انتصارهم على كفار قريش يوم بدر.
وكان ذلك تحقيقا لما نزل به القرآن، قبل أن يتحقق بسبع سنين، في قول الله ـ تعالى: (الم. غُلبت الروم. في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون. في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون. بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم).
غزوة مؤتة:
تقع مؤتة الآن داخل حدود المملكة الأردنية الهاشمية، مما يعني أن الغزوة التي دارت فيها بين المسلمين وبين الروم وحلفائهم من القبائل العربية، كانت على مقربة من بيت المقدس.
اتجهت جموع جيش المسلمين في غزوة مؤتة إلى الجزء الملاصق للجزيرة العربية من أرض الشام، أي إلى الطريق الممتد إلى فلسطين التي فيها بيت المقدس. وتعداد المسلمين المتجهزين للقتال يومئذ ثلاثة آلاف، يقودهم زيد بن حارثة، وخليفته إن قتل جعفر بن أبي طالب، فإن قُتل تلى على المسلمين عبد الله بن رواحة، فإن قُتل عبد الله اختار المسلمون قائدا منهم.
وكانت دماء زيد بن حارثة حِبِّ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وجعفر بن أبي طالب ابن عمه، وعبد الله بن رواحة أحد شعرائه وأنصاره ـ كانت أولَ دماء طاهرة روت الأرض في الطريق إلى القدس، في مواجهة مع الروم غير متكافئة في العدد ولا العُدة، إذ حشدوا من مقاتليهمعشرات الآلاف من الجنود والمرتزقة العرب في مواجهة ثلاثة آلاف من المسلمين.
ثم أخذ الراية سيف الله خالد بن الوليد، الذي سيواصل فيما بعد المشاركة الإيجابية في سبيل بسط سلطان الإسلام على الشام والقدس.. ظهرت مهارة خالد في مؤتة في المناورة وحسن تحريك الجيش وتحويل الدفّة؛ فقد أحدث ضجيجًا وصخبًا وهو يحرك قطع جيشه، ويبادل بين مواضعها، فتوهم الروم أن إمدادات كبيرة قد جاءت أرض المعركة، فراحوا يعيدون توزيع جيشهم. وبينما هم مشغولون في ذلك رجع خالد بجيشه إلى المدينة..
ومع أن المسلمين في المدينة صاحوا في وجه خالد وجنوده: يا فُرّار .. فررتم من أعداء الله. إلا أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ نفى عنهم التهمة، وطيب خاطرهم وقال: "ليسوا بالفرار ولكنهم الكرار بإذن الله" ـ أي أنهم عائدون إلى الجهاد من جديد.
وهي كلمة تُنْبِئ عن أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ سيستأنف الجهاد في هذه النواحي عما قليل.
غزوة تبوك:
في العام التاسع للهجرة سعى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى إعداد جيش يتجه به إلى الشام، وندب المسلمين للمشاركة فيه بالنفس والمال، فتطوع عدد كبير منهم، خاصة أنه أعلن أنه سيخرج بنفسه. وكان تعدادهم ثلاثين ألفا، أي عشرة أضعاف من حاربوا في مؤتة.
كان ذلك يعني للمسلمين سفرا بعيدا، في ظروف الحر الشديد، ووقت انتظار الثمار، وفي مواجهة عدو ذي بأس شديد.
وبعد وصولهم إلى تبوك عسكر المسلمون هناك عشرين يومًا، لم يخرج خلالها جيش الروم لمواجهتهم أو صدهم، ويبدو أنهم أرادوا استدراجهم إلى الداخل.. غير أن المسلمين لم يتوغلوا إلى الداخل، وتركوا الروم يحسبون حساباتهم الخاطئة. واستشعرت القبائل العربية المحالفة للروم أنها تقف في المواجهة بمفردها، فأسرع يوحنة بن رؤبة أمير أيلة، فوفد على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصالحه وأعطى الجزية للمسلمين، وكتب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كتاب أمان له ولقومه. وكذلك فعل أهل جرباء وأهل أذرح، وانتظر أكيدر دُومة الجندل حتى جاء به خالد بن الوليد أسيرا بين يدي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فحقن دمه وصالحه.
وأهم ما تبينه المسلمون في هذه الغزوة هو أن بلاد الشام ينبغي ألا تغيب عن أنظارهم، كما تبينوا أن نصارى الشام من العرب في حاجة إلى من يخلصهم من حكم الرومان، وأن المسلمين لو جاءوا يومًا يفتحون الشام فسيجدون ترحيبًا من أهلها، وهذا ما بدا واضحًا بصورة جلية عند الفتح العمري للقدس في غضون سنوات معدودة، وهو الفتح الذي بشر به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذه الغزوة المباركة.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى