- عنتر فتح اللهالمدير
تاريخ فلسطين.....1 يتبع
الخميس مارس 26, 2009 6:22 pm
تاريـــــخ فلسطين
مدينة الإنسان
لم يكن هبوط آدم وحواء من الجنة عقوبة بقدر ما كان إمضاءً لسنة إلهية قضت بأن يعيش الإنسان رحلة حياته الأولى في دارٍ يُبنَى العيشُ فيها على ثنائية الراحة والتعب.
وقد التمس الإنسان لنفسه فيما علّمه الله تعالى وألهمه ـ أسبابًا تجلب له الراحة، وتدفع عنه التعب والنصب، وكان اتخاذ البيوت والمنازل واحدًا من أبرز هذه الوسائل وأهمها.
في البدء كانت البيوت متناثرة متباعدة، تعتمد على ما يتوافر في الأرض وعليها من موادَّ، فهذا بيت من شَعْر، وذاك منزل من حَجَر... وسكن الإنسان الكهوف ـ كبيوت جاهزة ـ في بعض مراحل حياته فوق الأرض.
ومع استمرار مسيرة الزمن دنت البيوت من البيوت، وتقاربت حيطانها، وكثرت أعدادها وأصبح الناس يرون كل مجموعة من البيوت وحدة واحدة. وعلى أكتاف هذه الوحدات قامت فكرة القرى والمدن. ومشى الإنسان على الأرض زمنًا، يبعثر في أنحائها القرى والمدن: على مجاري الأنهار، وفي الأودية والبقاع التي تَخْصُب فيها الزراعة، وحيث تَنْصَدِعُ الأرض فتُنبت الحب والثمار، وحيث ينشط مرور التجّار..
ويا لها من رحلة طويلة وعجيبة، حملت فيها الأرض أثقالاً وأثقالاً فوق ظهرها؛ مدنًا وقرىً، لكن هل تستوي المدن جميعًا، فتقف على درجة واحدة من عراقة التاريخ، وتلبس ثياب الطهر وأزياء القداسة.
لقد تفاوتت مقامات المدن ودرجاتها، حتى علا بعضها في الذُّرَى حيث لا يُلحق، واكتفى بعضها الآخر بطرف من المجد، وبقي الكثير مغمورًا في إطاره المحلي لا يتعداه.. ومن النجوم البازغة في سماء المدن مكة والمدينة والقدس، وكذلك دمشق وبغداد وطيبة وروما وقرطبة، وغيرها...
وإذا كان لكل مدينة موضعها وموقعها الجغرافي الخاص بها، فإن لكل واحدة منها أيضًا شخصيتها التي تميزها.. والقدس، أو بيت المقدس، أو أورشليم، أو إيلياء ـ هي إحدى الأمهات الكبرى للمدن التي شيدها الإنسان فوق ظهر الأرض، بل هي زهرة مدائن الدنيا.
القدس زهرة المدائن:
كانت الأرض واسعة لا يتصارع عليها الناس، بِكْرًا تَبُوحُ لهم كل يوم بِسِرٍّ كبيرٍ من أسرارها، فهنا نهر كبير يجري، وهناك وادٍ خصيب جواد بالخضرة والخير، وهناك آبار غزيرة فياضة بالماء .. هكذا بدا المشهد في المراحل المبكرة لحياة البشر فوق الأرض.
وقد سعى الإنسان منذ القدم وراء هذا الخير الذي نشرته يد القدرة الإلهية الخالقة في الأرض، وهناك أقام الإنسان مدنه ومنازله وقراه.
وقد جعل الله تعالى الناس شعوبًا وقبائل، وكان من نصيب اليَبُوسِيِّين ـ وهم سامِيُّون عرب ـ تشييدُ البناء الأول لمدينة مِن أعظم مدن الدنيا والتاريخ، وذلك قبل الميلاد بثلاثين قرنًا، حيث لم يكن النبي الكريم إبراهيمُ ـ عليه السلام ـ قد ظهر فوق صفحة التاريخ داعيًا إلى التوحيد، منتقلاً به من العراق وما بين النهرين، ومتنقلاً به بين الشام ومصر والحجاز.
ولم يكن بناء اليبوسيين لزهرة المدائن أو مدينة بيت المقدس سوى البناء الأول لها، وعلى مدى التاريخ جددت المدينة ثوبها ثماني عشرة مرة، فهدمت أو دمرت ثم أعيد بناؤها في كل هذه المرات، حتى استقرت على هيْأتِها في العهد العثماني، ودخلت عليها زيادات أخرى كبيرة مع الاحتلال الإسرائيلي للتقليل من شأن القدس القديمة ومسخ طابعها الخاص..
... يتبع
مدينة الإنسان
لم يكن هبوط آدم وحواء من الجنة عقوبة بقدر ما كان إمضاءً لسنة إلهية قضت بأن يعيش الإنسان رحلة حياته الأولى في دارٍ يُبنَى العيشُ فيها على ثنائية الراحة والتعب.
وقد التمس الإنسان لنفسه فيما علّمه الله تعالى وألهمه ـ أسبابًا تجلب له الراحة، وتدفع عنه التعب والنصب، وكان اتخاذ البيوت والمنازل واحدًا من أبرز هذه الوسائل وأهمها.
في البدء كانت البيوت متناثرة متباعدة، تعتمد على ما يتوافر في الأرض وعليها من موادَّ، فهذا بيت من شَعْر، وذاك منزل من حَجَر... وسكن الإنسان الكهوف ـ كبيوت جاهزة ـ في بعض مراحل حياته فوق الأرض.
ومع استمرار مسيرة الزمن دنت البيوت من البيوت، وتقاربت حيطانها، وكثرت أعدادها وأصبح الناس يرون كل مجموعة من البيوت وحدة واحدة. وعلى أكتاف هذه الوحدات قامت فكرة القرى والمدن. ومشى الإنسان على الأرض زمنًا، يبعثر في أنحائها القرى والمدن: على مجاري الأنهار، وفي الأودية والبقاع التي تَخْصُب فيها الزراعة، وحيث تَنْصَدِعُ الأرض فتُنبت الحب والثمار، وحيث ينشط مرور التجّار..
ويا لها من رحلة طويلة وعجيبة، حملت فيها الأرض أثقالاً وأثقالاً فوق ظهرها؛ مدنًا وقرىً، لكن هل تستوي المدن جميعًا، فتقف على درجة واحدة من عراقة التاريخ، وتلبس ثياب الطهر وأزياء القداسة.
لقد تفاوتت مقامات المدن ودرجاتها، حتى علا بعضها في الذُّرَى حيث لا يُلحق، واكتفى بعضها الآخر بطرف من المجد، وبقي الكثير مغمورًا في إطاره المحلي لا يتعداه.. ومن النجوم البازغة في سماء المدن مكة والمدينة والقدس، وكذلك دمشق وبغداد وطيبة وروما وقرطبة، وغيرها...
وإذا كان لكل مدينة موضعها وموقعها الجغرافي الخاص بها، فإن لكل واحدة منها أيضًا شخصيتها التي تميزها.. والقدس، أو بيت المقدس، أو أورشليم، أو إيلياء ـ هي إحدى الأمهات الكبرى للمدن التي شيدها الإنسان فوق ظهر الأرض، بل هي زهرة مدائن الدنيا.
القدس زهرة المدائن:
كانت الأرض واسعة لا يتصارع عليها الناس، بِكْرًا تَبُوحُ لهم كل يوم بِسِرٍّ كبيرٍ من أسرارها، فهنا نهر كبير يجري، وهناك وادٍ خصيب جواد بالخضرة والخير، وهناك آبار غزيرة فياضة بالماء .. هكذا بدا المشهد في المراحل المبكرة لحياة البشر فوق الأرض.
وقد سعى الإنسان منذ القدم وراء هذا الخير الذي نشرته يد القدرة الإلهية الخالقة في الأرض، وهناك أقام الإنسان مدنه ومنازله وقراه.
وقد جعل الله تعالى الناس شعوبًا وقبائل، وكان من نصيب اليَبُوسِيِّين ـ وهم سامِيُّون عرب ـ تشييدُ البناء الأول لمدينة مِن أعظم مدن الدنيا والتاريخ، وذلك قبل الميلاد بثلاثين قرنًا، حيث لم يكن النبي الكريم إبراهيمُ ـ عليه السلام ـ قد ظهر فوق صفحة التاريخ داعيًا إلى التوحيد، منتقلاً به من العراق وما بين النهرين، ومتنقلاً به بين الشام ومصر والحجاز.
ولم يكن بناء اليبوسيين لزهرة المدائن أو مدينة بيت المقدس سوى البناء الأول لها، وعلى مدى التاريخ جددت المدينة ثوبها ثماني عشرة مرة، فهدمت أو دمرت ثم أعيد بناؤها في كل هذه المرات، حتى استقرت على هيْأتِها في العهد العثماني، ودخلت عليها زيادات أخرى كبيرة مع الاحتلال الإسرائيلي للتقليل من شأن القدس القديمة ومسخ طابعها الخاص..
... يتبع
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى